موسوعة الأخلاق

ضوابط في النَّصِيحَة


1- الإخلاص في النَّصِيحَة:
على الناصح أن يرجو بنصيحته وجه الله تبارك وتعالى، فلا يقصد بنصيحته الأغراض الدنيوية من رياء، وسمعة، وحب شهرة وغيرها، أو عيب المنصوح والحطَّ من قدره. قال تعالى: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر: 3] ، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى )) [3933] رواه البخاري (1).
2- العلم بما ينصح به:
الذي يقوم بالنَّصِيحَة لا ينصح في أمر يجهله، بل لا بد أن يكون عالـمًا بما ينصح به، قال تعالى:  وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء: 36]
3- أن لا يجهر بنصيحته:
بل ينبغي أن يسرَّ بنصيحته للمنصوح له، فلا ينصحه أمام الملأ:
قال الشافعي:


تعمدني بنصحك في انفرادي





وجنبني النَّصِيحَة في الجماعة



فإن النصح بين الناس نوع





من التوبيخ لا أرضى استماعه



وإن خالفتني وعصيت قولي





فلا تجزع إذا لم تعط طاعة [3934] ((ديوان الشافعي)) (ص: 74).


وقال أيضًا: (من وعظ أخاه سرًّا، فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية، فقد فضحه وشانه) [3935] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/182).
وعن سليمان الخواص قال: (من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما فضحه) [3936] ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) لابن أبي الدنيا (ص 99).
وقال ابن رجب: (كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد، وعظوه سرًّا حتى قال بعضهم: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبَّخه) [3937] ((جامع العلوم والحكم)) (1/224).
وقال ابن حزم: (إذا نصحت فانصح سرًّا لا جهرًا، أو بتعريض لا بتصريح، إلا لمن لا يفهم، فلا بدَّ من التصريح له) [3938] ((رسائل ابن حزم)) (ص 364).
4- مراعاة الوقت والمكان المناسب.
5- اللين والرفق في النَّصِيحَة:
أن تكون النَّصِيحَة بالرفق واللين، والأسلوب الحسن، مع انتقاء الألفاظ المحبَّبة، وعدم استخدام الأساليب المنفِّرة، قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125]
وقال سبحانه: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء: 53]
فعن ثابت، أن صلة بن أشيم وأصحابه، أبصروا رجلًا قد أسبل إزاره، فأراد أصحابه أن يأخذوه بألسنتهم، فقال صلة: (دعوني أكفيكموه، فقال: يا ابن أخي إنَّ لي إليك حاجة، قال: فما ذاك يا عم؟ قال: ترفع إزارك، قال: نعم، ونعمة عين، فقال لأصحابه: هذا كان مثل لو أخذتموه بشدة؟ قال: لا أفعل، وفعل) [3939] رواه ابن أبي الدنيا في ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) (ص90).
6- أن لا تكون النَّصِيحَة على شرط القبول:
قال ابن حزم: (لا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة لا مؤدي حق ديانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل ولا حكم الصداقة، ولكن حكم الأمير مع رعيته والسيد مع عبيده) [3940] ((رسائل ابن حزم)) (ص 364).

انظر أيضا: